رئيس الحكومة الإسرائيلي الذي أُغتيل أثناء خطابه الأخير

بيل كلينتون بين عرفات ورابين أثناء توقيع اتفاقية أوسلو

ظروف الخطاب

إسحاق رابين هو رئيس الحكومة الإسرائيلي الذي أُغتيل أثناء خطابه الأخير. حيث ألقى رئيس الحكومة الإسرائيلية اسحاق رابين خطابه الأخير، في الرابع من نوفمبر 1995م، قبل مدة قصيرة من اغتياله على يد يجئآل عمير في ساحة ملوك إسرائيل. حيث قال حينها: “العنف هو نتاج أساسي للديمقراطية الإسرائيلية. يجب إدانته واستنكاره وعزله. إنه ليس طريق دولة إسرائيل”.

جاء الخطاب بعد تعرض رابين للعديد من الانتقادات من اليمين الإسرائيلي في أعقاب توقيع اتفاقية أوسلو الداعية لنبذ العنف من جانب الفلسطينيين، مقابل اعتراف إسرائيل بالسلطة الفلسطينية ممثلاً للشعب الفلسطيني، وهو الأمر الذي رفضه واستغله اليمين الإسرائيلي، وبخاصة حزب الليكود، لإسقاط رئيس الحكومة رابين، من خلال التحريض عليه، الأمر الذي أدى إلى اغتياله في النهاية.

للمزيد إقرأ أيضًا:

لقد فهم رابين في فترة معينة أن إسرائيل لا يمكنها الاستمرار في إدارة الصراع، وأنه قد حان الوقت لتسوية هذا الصراع، وأن نظام استعمال العضلات لا يمكنه الاستمرار طيلة الوقت، وقد توصل إلى هذا من خلال عدة أحداث، كانت إحداها الانتفاضة، عندما واجهت إسرائيل المقاومة الشعبية، وليس “الأعمال الإرهابية”.

تحدث رابين عن السلام كرجل عاش الحرب، وعرف ويلاتها. لقد أكد رابين على أن الديمقراطية الإسرائيلية قائمة على ممارسة العنف، وهو الأمر الذي يعيق بناء الاقتصاد، ويمنع من تقدم المجتمع. كما أكد أن إسرائيل مليئة بمعادي السلام؛ ولذا فإن طريق السلام لن يكون سهلاً، فهو زاخر بالصعوبات والآلام.

لقد غير اغتيال رابين الواقع السياسي والأمني في إسرائيل. وكان استعداده للتفاوض مع السلطة الفلسطينية، والاعتراف بها باعتبارها الممثل الشرعي للفلسطينيين، وتوقيع اتفاقية معها، بالإضافة إلى استعداده للانسحاب من هضبة الجولان مقابل اتفاق سلام مع سوريا أمر رفض اليمين الإسرائيلي تقبله.

لقد دفع رابين ثمن الدعوة إلى السلام، وترك تحذيرًا لكل زعيم إسرائيلي يأتي من بعده، ويريد أن يدعو إلى السلام، بأن الاتجاه في إسرائيل ضد السلام. إن من يريد أن يحكم إسرائيل عليه أن يثبت للشعب اليهودي أنه يهودي متطرف، يكره العرب، ولا يمكنه أن يصافح الفلسطينيين، بل عليه أن ينعتهم بالإرهابيين، الذين يريدون تدمير إسرائيل.

وهكذا كان اسحاق رابين هو رئيس الحكومة الإسرائيلي الذي أُغتيل أثناء خطابه الأخير

خطاب رابين الأخير

اسمحوا لي أن أقول، إنني متحمس أيضًا، أريد أن أشكر كل فرد منكم، من وقف هنا ضد العنف وإلى جانب السلام. هذه الحكومة، والتي لي شرف رآستها سويًا مع صديقي شيمون بيريز، قد قررت إعطاء فرصة للسلام. السلام الذي سوف يحل معظم مشاكل دولة إسرائيل. لقد كنت رجلاً عسكريًا لمدة سبعة وعشرون عامًا. حاربت عندما لم تكن هناك فرصة للسلام. اليوم أعتقد أن هناك فرصة للسلام، فرصة كبيرة، يجب علينا استغلالها من أجل الواقفون هنا، ومن أجل أولئك الغير واقفون هنا. وهم كثيرون من الشعب.

لقد أمنت دومًا أن معظم الشعب يريد السلام، على استعداد لتحمل المخاطر من أجل السلام. وأنتم هنا، بوجودكم في هذا الحشد، تثبتون مع كثيرون آخرون، الذين لم يأتوا هنا، أن الشعب يريد السلام فعلاً ويعارض العنف، إن العنف هو نتاج أساسي للديمقراطية الإسرائيلية، يجب إدانته واستنكاره وعزله. إنه ليس طريق دولة إسرائيل. توجد ديمقراطية، ويمكن أن يكون هناك خلاف، لكن الحسم سيكون في انتخابات ديمقراطية، كما كان الحال في 92، عندما تم تفويضنا للقيام بما نقوم بفعله ومواصلة القيام بذلك.

أود أن أقول، إنني فخور بظهور وسوف يظهر مندوبين عن البلدان التي نعيش معها في سلام: مصر، الأردن والمغرب، التي فتحت لنا طريق السلام، أود أن أشكر من هنا رئيس مصر، وملك الأردن، وملك المغرب، على حضورهم هنا وإعرابهم عن مشاركتنا في السير نحو السلام، لكن قبل كل شيء- لقد أثبت شعب إسرائيل لأكثر من ثلاث سنوات من وجود هذه الحكومة، أنه يمكن تحقيق السلام؛ أن السلام يوفر بداية لاقتصاد ومجتمع متقدم؛ أن السلام موجود في الحقيقة وليس فقط في الصلوات، إنه يسبق كل الصلوات، لكنه طموح الشعب اليهودي، طموح حقيقي للسلام.

هناك أعداء للسلام، يحاولون إيذائنا بهدف نسف السلام. أريد أن أقول، دون أي تجميل، لقد وجدنا شريك للسلام من بين الفلسطينيين أيضًا- منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت عدو وتوقفت عن الإرهاب. بدون شركاء في السلام لا يوجد سلام، وسوف نطالبه بالقيام بدوره في السلام، تمامًا كما سنقوم نحن بدورنا في السلام، حتى نحل هذا العنصر المعقد، الطويل، الزاخر بالمشاعر أكثر من أي شيء، طوال الصراع العربي الإسرائيلي: الفلسطيني الإسرائيلي.

ينطوي هذا على صعوبات، حتى على آلام، لا يوجد طريق لإسرائيل لا يوجد فيه ألم، إن طريق السلام أفضل من طريق الحرب. يقول لكم هذا من كان رجلاً عسكريًا ووزيرًا للدفاع، الذي يرى آلام عائلات جنود جيش الدفاع الإسرائيلي. من أجلهم، ومن أجل ابناءنا وأحفادنا، في حالتي، أريد أن تجد هذه الحكومة أي ذرة، أي احتمال، لدفع وتحقيق السلام الشامل. وسوف تكون هناك فرصة لتحقيق السلام مع سوريا أيضًا. يجب أن يتم بث هذا الاحتشاد إلى الجمهور الإسرائيلي، وإلى الجمهور اليهودي في العالم، وإلى الكثيرون في العالم العربي والعالم الخارجي، أن الشعب الإسرائيلي يريد السلام، يدعم السلام- ولذا شكرًا جزيلاً لكم.

عن عزيزة زين العابدين

مترجمة لغة عبرية، وباحثة في الشئون الإسرائيلية في تخصص تحليل الخطاب السياسي الإسرائيلي.

شاهد أيضاً

مسلسل اليهود قادمون| الرد على أن فلسطين كانت أرض مقفرة

الرد على أن فلسطين كانت أرض مقفرة|| مسلسل اليهود قادمون