معركة سرابيوم.. صفحة في تاريخ البطولة المصرية في حرب أكتوبر

جنود إسرائيليون قبل حرب أكتوبر

معركة سرابيوم هي صفحة مشرفة في تاريخ العسكرية المصرية، كتبتها قواتنا المسلحة في الـ 17 من أكتوبر 1973م، اليوم الثاني عشر من بداية الحرب، وهي المعركة التي دارت في قرية سرابيوم المصرية بين سرية تعزيز من لواء مظلات احتياط 55 وبين جنود الجيش المصري. وانتهت المعركة بانسحاب الجيش الإسرائيلي بعد تكبده خسائر فادحة.

في السطور التالية نعرض ما جاء في الوثائق العبرية حول هذه المعركة المهمة. وذلك في ظل نقص شديد في الوثائق المصرية، والتي تعرض فقط قصص البطولة الشخصية لأبطال الحرب. وقد رأينا أهمية معرفة الرواية الإسرائيلية مع ما فيها من مغالطات وتركيز على الفرد الإسرائيلي لاستخلاص الدروس والعبر. ومحاولة تأريخ هذه الفترة المهمة من تاريخ المنطقة. ومرة أخرى أعود وأؤكد أن تلك الأحداث هي بناء على الرواية الإسرائيلية.

جنود إسرائيليون في حرب أكتوبر

ما قبل معركة سرابيوم

في الـ 15 من شهر أكتوبر 1973م ، شنت قوات الجيش الإسرائيلي عملية “ابيري ليف- شجاعي القلب”، والمعروفة في التاريخ المصري بـ “ثغرة الدفرسوار” على الضفة الغربية. والتي كانت تهدف إلى إنشاء جسر إسرائيلي في الضفة الغربية لقناة السويس ، بهدف تغيير مجرى الحرب في هذه الساحة ، والتي كانت حتى ذلك الحين لصالح الجانب المصري.

على أن تكون ساحة لعبور القناة شمال البحيرات المرة الكبيرة (الدفرسوار). وقد حددت خطة المعركة من الجانب الإسرائيلي أن يكون اللواء 55 أول من يعبر القناة إلى الغرب ويقوم هناك ببناء جسر لعبور الجيش الإسرائيلي.

في صباح يوم 16 أكتوبر ، بدأ جنود اللواء 55 الإسرائيلي بعبور القناة بقوارب مطاطية. في الصباح ، كان اللواء قد أنشأ جسرًا يمتد لمسافة حوالي 4 كيلومترات على طول ضفة القناة شمال البحيرات المرة الكبيرة ، بعمق حوالي 2 كيلومتر. في صباح ذلك اليوم ، بدأت قوات من الدبابات الإسرائيلية عبور القناة إلى الغرب.

في اليوم التالي ، 17 أكتوبر ، بدأ القصف المصري على منطقة رأس الجسر ، وحاولت قوات مصرية مهاجمة موقع رأس الجسر من الشمال.

للمزيد إقرأ أيضًا:

أحداث المعركة

في الـ 17 من أكتوبر، وفي حوالي الساعة التاسعة، أمر قائد اللواء داني مات بإخراج قوة للتقدم من رأس الجسر في الشمال باتجاه قرية سرابيوم والموقع المصري الموجود بها، بهدف إبعاد المصريين عن موقع رأس الجسر والتخلص من إمكانية وجود المراقبة المصرية اللازمة لمدى نيران المدفعية.

كلفت السرية الثانية من الكتيبة بهذه المهمة بقيادة المقدم دان زيف، بالإضافة إلى فرقة الرشاشات الثقيلة المساعدة، وفرقة المساعدات الطبية. وكان على القوة التي تقدمت على ثماني حاملات جند مدرعة بالإضافة إلى دبابتين مدق، بقيادة قائد الكتيبة نفسه، أن تتحرك شمالاً في صورة دورية استطلاع وليس كمعركة مخطط لها مسبقًا.

تقدمت السرية من موقع رأس الجسر شمالاً، على طول خط السكة الحديد الذي يقع على بعد حوالي كيلومتر غرب قناة السويس. وعندما وصلت القوة قرب المداخل الجنوبية لقرية سرابيوم، في الساعة 30: 12 . رصد قائد الكتيبة زيف قوات مصرية في القرية فقرر مهاجمتها.

كانت القوة المصرية التي تعرضت للهجوم كتيبة الكوماندوز التعزيزية 73، والتي انسحبت ليلاً من مطار الدفرسوار، بالإضافة لمئات الجنود الذين بقوا في المنطقة الخلفية الإدارية لفرقة المشاة 16.

مع استمرار التقدم نحو القرية، دخلت القوات الإسرائيلية في معركة عنيفة مع القوات المصرية المتفوقة، وأُصيبت إحدى الدبابات الإسرائيلية التي تعطلت على الفور (أما الدبابة الثانية فقد عطلت قبل ذلك بسبب قطع في الجنزير).

تقدمت مجنزرة على رأس القوة، غير أن بقية المجنزرات في الخلف أصابتها النيران المصرية وانقطعت عن بقية السرية. مما اضطر المقدم زيف و 13 من جنوده للتخلي عنها وتحصين أنفسهم في مبنى من طابق واحد في القرية بعد مقتل أحدهم.

كان في حوذتهم أسلحة خفيفة من بنادق ورشاشات وقنابل يدوية وعدد من الار بي جي من طراز لو. تم نشر معظم قوات الهجوم المصرية ضد هذه المجموعة. واجهت قوات العدو هجمات شرسة من القوات المصرية، والتي كانت مصحوبة باطلاق النيران من مدى قريب. في وقت لاحق من المعركة، دمرت القوات المصرية المجنزرة الإسرائيلية بنيران مضادة للدبابات، وخسرت قوات العدو الفرصة الوحيدة للانسحاب.

بعد وصول خبر بانقطاع القوة الطليعية، خرجت من رأس الجسر قوتين من فرق الإنقاذ المظلية، معززة بدبابات. كان يقود إحداها نائب قائد اللواء يهودا بار، ويقود الأخرى قائد الكتيبة 416 مظلات، المقدم تسفيكي نور.

بعد أربع ساعات من بدء المعركة، وبعد قتال عنيف في منطقة كثيفة الزراعات، انضمت تلك القوات إلى المجموعة المنقطعة في سرابيوم، والتي كانت ذخائرها على وشك النفاذ، وقامت بإنقاذها، بعد عملية الانقاذ انسحبت جميع القوات إلى الجنوب إلى موقع رأس الجسر.

نتائج المعركة

صدت القوات المصرية هجوم العدو، وتقهقرت السرية الإسرائيلية إلى الخلف تجاه رأس الجسر، حيث خاضت معارك صعبة بالإضافة للقوات التي هرعت لإنقاذها. كما ظل الموقع تحت السيطرة المصرية. وسقط 14 من جنود قوات العدو، وأصيب 35. وكان من بين القتلى الإسرائيليين الشاعر النقيب باري سترونج.

كما تذكر الوثائق الإسرائيلية أن المعركة على مواقع سرابيوم قد فسرتها حينئذ الأركان المصرية كمحاولة لتطويق الجيش الثاني. ونتيجة لذلك بدأت القوات المصرية في التراجع إلى منطقة المزرعة الصينية شمالاً، الأمر الذي سمح باتساع رأس الجسر بحوالي 8 كيلومتر شمالاً.

وبهذا تنضم معركة الدفرسوار إلى سلسلة من الانتصارات المصرية في حرب السادس من أكتوبر، مثل معركة الإسماعيلية، ومعركة السويس، ومعركة رأس العش، ومعركة 24 أكتوبر الجوية، ومعركة ممر متلا 1973، الأمر الذي تسبب بعد انتهاء الحرب في إعلان لجنة إغرنات عن تقصير العديد من جنرالات الحرب الإسرائيليين، ومنهم الجنرال شموئيل جونين والذي حملته لجنة اغرانات مسؤولية المخاطر التي وقعت فيها فرق من الجيش أثناء القتال.

عن عزيزة زين العابدين

مترجمة لغة عبرية، وباحثة في الشئون الإسرائيلية في تخصص تحليل الخطاب السياسي الإسرائيلي.

شاهد أيضاً

التحليل العسكري لـ معركة المزرعه الصينيه والثغره على الجانبين المصري والإسرائيلي

التحليل العسكري لـ معركة المزرعه الصينيه والثغره على الجانبين المصري والإسرائيلي

التحليل العسكري لـ معركة المزرعه الصينيه والثغره على الجانبين المصري والإسرائيلي