إسرائيل عن معركة المنصورة الجوية: احتفل المصريون بهذا الانتصار وكأنهم فازوا باليانصيب لشهر على التوالي

إسرائيل عن معركة المنصورة الجوية: احتفل المصريون بهذا الانتصار وكأنهم فازوا باليانصيب لشهر على التوالي

تعلمت إسرائيل من معركة المنصورة الجوية أن المعركة ليست كرة سلة، والفائز ليس من سجل أكثر، بل من أنهى مهمته بنجاح.

معركة المنصورة الجوية كانت واحدة من أصعب المعارك وأكثرها رعبًا ومرارة بالنسبة للعدو الإسرائيلي في حرب يوم السادس من أكتوبر 73، حيث فقد جيش العدو الإسرائيلي عنصر المفاجأة في طريقه لتدمير العديد من قواعد القوات الجوية المصرية في وقت واحد.

في الذكرى الـ 47 لحرب أكتوبر تكشف الصحف الإسرائيلية عن وثائق وشهادات جديدة عن حرب أكتوبر، حيث نشرت صحيفة “كالكليست” الإسرائيلية مقالاً بعنوان: “معركة المنصورة الجوية: عندما انتصرت طائرات الفانتوم الإسرائيلية وخسرت في نفس الوقت”.

معركة المنصورة الجوية: طائرة فانتوم إسرائيلية في اتجاه طائرة ميج مصرية. المصدر: Egyptdaily

جاء في المقال أيضًا من الشهادات الإسرائيلية في معركة المنصورة الجوية: “عندما رآنا العدو قادمين، ضربنا بشدة، وعلى الرغم من أنه فقد المزيد من الطائرات، من الصعب وصف إسرائيل على أنها المنتصرة”.

أشار المقال الإسرائيلي إلى أن مصر انتصرت في حرب اكتوبر، لأن النصر ليس بالضرورة ما اعتدنا على التفكير فيه، وهو الفوز بالحرب، حيث لا يتعين على المرء تدمير كل قوى العدو، فقط عليه بإحضار العدو إلى وضع لا يستطيع فيه، أو لا يريد الاستمرار في القتال بشكل صحيح. ولكي تكسب المعركة عليك فقط أن تمنع العدو من الحصول على ما نزل من فراشه من أجله في الصباح. وهذا ما حدث في واحدة من أكثر المعارك مرارة وإثارة للرعب وصعوبة في حرب أكتوبر، وهي معركة المنصورة الجوية، والتي خرج فيها سلاح الجو الإسرائيلي لكي يفعل بمصر ما فعله بها في حرب 67، إلا أنه هذه المرة عاد بخيبة الأمل.

تبدأ قصة معركة المنصورة، كما جاء في المقال، عندما سقطت أولى القذائف المصرية على الحصون الإسرائيلية في قناة السويس، إيذانا ببدء الحرب. حيث فوجئت القوات الجوية الإسرائيلية التي كانت مستعدة وجاهزة لضربة وقائية يتم فيها سحق المعدات الجوية والمطارات في سوريا ومصر بنفس الطريقة كما حدث في حرب 67، وبكل بساطة تقدم الجيش المصري بالهجوم، وكانت المئات من الطائرات المقاتلة جاهزة للقتال ومسلحة بالقنابل. حتى تم استبدال السلاح بالصواريخ لاعتراض العدو المهاجم لقد مرت ساعات ثمينة.

للمزيد إقرأ أيضًا:

في صباح اليوم الثاني من الحرب، شرع الجيش الإسرائيلي في تدمير الأسلحة المضادة للطائرات في مصر، ولكن سرعان ما تم إيقاف العملية، وإرسال الطائرات إلى الشمال؛ حيث كانت هضبة الجولان تتعرض لاجتياح القوات السورية. وهكذا نشأ وضع لم تتعطل فيه البنية التحيتية الجوية الإسرائيلية في الجبهة الجنوبية، كما كانت العمليات في الشمال جزئية أيضًا.

معركة المنصورة الجوية: طائرات فانتوم إسرائيلية محملة بالقنابل مستعدة للإقلاع

كما تكبدت القوات الجوية الإسرائيلية تحت التهديد الصاروخي المستمر ثمناً باهظاً، وفي الأيام الأربعة الأولى من الحرب فقدت القوات الجوية الإسرائيلية أربعة وخمسين طائرة مقاتلة، كما تم قتل ستة وثلاثون من أفراد أطقم الطائرات أو تم أسرهم أو أصابتهم.

وتتابع الصحيفة العبرية: في ظهر يوم 14 أكتوبر 1973، انطلقت 48 طائرة فانتوم (شبح) إسرائيلية في طريقها إلى أعماق الدلتا المصرية، في طريق يأخذهم فوق البحر الأبيض المتوسط ، في عدة مسارات. حيث حلقت في سرب من ست طائرات، محملين بقنابل MK83، مع عدد قليل من صواريخ جو-جو للدفاع عن النفس، وخزانات وقود قابلة للفصل. كان الطريق طويلاً، وكانت الطائرات تطير على ارتفاع منخفض، فوق السحب مباشرة، حيث الهواء كثيف ومحركات طائرات الشبح تستهلك الوقود، بينما تحاول جاهدة المثابرة بسرعات عالية. لا خيار؛ إذا حلقت ذبابة، فسوف تظهر على شاشات الرادار المصرية، وستكون السماء مليئة بالصواريخ المضادة للطائرات.

كان الهدف الإسرائيلي من هذه العملية هو ضرب عدد من المطارات في منطقة المنصورة وطنطا في أعماق مصر، حيث كانت تتمركز فيها أطقم طائرات النخبة المصرية، وبجانبها طائرات ميراج 5، وهي قوة استطلاعية قادمة من ليبيا.

معركة المنصورة الجوية: طائرة نسر إسرائيلية في اتجاه ميج 21 مصرية. المصدر: Egyptdaily

وكانت المنطقة بأكملها مغطاة بالأسلحة المضادة للطائرات، ودوريات MiG-21 الذكية وغيرها من الأسحلة الأخرى في وضع الاستعداد. كان لكل مجموعة عدد من الأهداف، بما في ذلك المسارات الميدانية وحظائر الطائرات وغيرها من الأبنية، حيث من المفترض أنه عندما تصيب قنبلة واحدة مدرج، فإنها تغلقه لبضع ساعات- وهو وقت حرج في مثل هذه الحرب من أجل البقاء. بالإضافة إلى ذلك، فإن الضربة العميقة داخل الأراضي المصرية ستجعل مصر توجه قواتها للدفاع عن الجبهة الداخلية، وربما يهدئ ذلك من حدة الجحيم الذي اندلع في الجبهة.

ولكن مع تحليق طائرات الفانتوم الإسرائيلية، مع قيام كل طاقم بالتحقق من موقعه، والقياس والانتظار أمام صمت اللاسلكي، بدأت الطائرات الإسرائيلية في تلقي تقارير عن إقلاع طائرات ميج مصرية بأعداد كبيرة. كما لو أن المصريين اشتموا رائحة خبز يختمر. وكانت الأوامر بالاستمرار على الطريق في الوقت الحالي ، للسعي من أجل الوصول إلى المطارات المصرية، وضربها على الرغم من التهديد.

بدأت أطقم الطائرات الإسرائيلية في الاقتراب من الأهداف، وتحديد المزيد والمزيد من الأهداف الأرضية التي تساعد في الطيران، وكانت الطائرات الإسرائيلية تعد الثواني حتى اللحظة التي سترتفع فيها، وتسقط القنابل، وتهرب قبل وصول صاروخ مضاد للطائرات. إلا أن المصريين كانوا يعرفون جيدًا ما سيحدث.

فقد استولت أنظمة الردارات المصرية على جزء صغير من الطائرة، على الرغم من كل شيء. تم إرسال تقرير عن 20 طائرة شبح، يبدو أنها في طريقها إلى الأراضي المصرية. كان قادة القوات الجوية المصرية متأكدين من أنه فخ، وهم محقون في ذلك. أكثر من مرة، أطلقت الطائرات الإسرائيلية للاعتراض، ثم اكتشفوا أنه كان طعمًا وظهرت قوة إسرائيلية أكبر بكثير، مغلقة عليهم – ولم تهبط أيضًا كل طائرات الميج التي أقلعت في ذلك اليوم.

وتتابع الصحيفة العبرية: لكي تكون في الجانب الآمن، تم إطلاق 16 طائرة من طراز ميج 21، بيد أن الأوامر كانت الانتظار ورؤية ما يفعله الإسرائيليون، ومهاجمتهم فقط إذا اقتربوا كثيرًا من أماكن حساسة- على سبيل المثال مطار المنصورة. في غضون ربع ساعة وصلت مزيد من المعلومات من الميدان: لا توجد فقط 20 طائرة في القطاع، وإنما 60 طائرة، وهذا بلا شك كان مسارهجوم واسع النطاق. فقدت إسرائيل عنصر المفاجأة، وسقط في سلة المهملات؛ تم إطلاق عشرين طائرة ميج أخرى على الفور، وأصبحت المزيد من طائرات الميج في حالة تأهب.

بعدها أصبحت طائرات الفانتوم الإسرائيلية قريبة من الأرض، وفوقها طائرات الميج المصرية، وهكذا اكتشف الطيارون الإسرائيليون أعداد كبيرة من طائرات الميج المصرية تحلق فوقهم؛ وهنا بدأت أجهزة الإنذار في قمرة القيادة بالطائرات الإسرائيلية بالصراخ: صواريخ جو – جو كانت تحاصر القوات الإسرائيلية، في انتظار أن يلتهمها المصريون في لحظة مثل الجوز. في ظل عدم وجود خيار، ضغط الطيارين الإسرائيليون على زر الذعر، والذي يعمل بإلقاء كل شيء تحت الأجنحة باستثناء صواريخ جو-جو؛ وبالتالي تصبح الطائرة أكثر ديناميكية هوائية وأسرع وحرة أكثر في المناورة؛ حيث كانت معركة جوية ضخمة في حجمها على وشك البدء.

أربع طائرات ميج 21 مصرية في الجو- معركة المنصورة الجوية

تم كسر الصمت عندما أبلغت أعداد كبيرة من الطائرات الإسرائيلية عن دخول معركة مع طائرات الميج المصرية، أي معركة المنصورة الجوية،، مما يعني التخلي عن مهمة القصف. انطلقت موجة أخرى من طائرات القوة الجوية الإسرائيلية، وسرب كامل من طائرات ميج كتعزيزات. تم طلاء السماء بالتداخل بين المحركات ودخان الصواريخ، عندما اصطدمت حوالي 100 طائرة تابعة للقوات الإسرائيلية بنحو 60 طائرة مصرية.

فقدت القوات الإسرائيلية خمسة طائرات ميج، وطائرتين فانتوم، أُسقطوا في المعركة. أحدهما من النيران المصرية، والأخرى من إطلاق عرضي لطائرة نسر إسرائيلية. اندلعت على مساحة شاسعة لأكثر من خمسين دقيقة. ليس هذا فقط؛ حتى بعد ذلك، واجهت أطقم الفانتوم تحديًا كبيرًا- وهو العودة إلى القاعدة بأمان بعد احتراق معظم الوقود في مناورات حادة.

وأشارت الصحيفة أنه بالنسبة للمطارات المصرية التي ذهبنا من أجلها، فقط استطاعت أعداد قليلة من طائرات الفانتوم الإسرائيلية أن تلقي القنابل. كان الضرر الذي لحق بالمطارات ضئيلًا للغاية- على الرغم من تدمير اثنتين من طائرات الميج المصرية على الأرض. على الورق كان هناك فائز واحد في معركة المنصورة، وهو القوات الجوية المصرية.

المصريون احتفلوا بانتصار معركة المنصورة كما لو كانوا فازوا باليانصيب لشهر على التوالي

وأضافت: لقد احتفل المصريون بهذا الانتصار وكأنهم فازوا باليانصيب لشهر على التوالي، فقد أشاد السياسيون والإعلاميون بهذا الانتصار، ومرت حمولة شاحنة من الميداليات بين 13 وحدة مصرية شاركت في القتال، وأصبح عيد القوات الجوية المصرية الرسمي هو تاريخ معركة المنصورة.

عن عزيزة زين العابدين

مترجمة لغة عبرية، وباحثة في الشئون الإسرائيلية في تخصص تحليل الخطاب السياسي الإسرائيلي.

شاهد أيضاً

التحليل العسكري لـ معركة المزرعه الصينيه والثغره على الجانبين المصري والإسرائيلي

التحليل العسكري لـ معركة المزرعه الصينيه والثغره على الجانبين المصري والإسرائيلي

التحليل العسكري لـ معركة المزرعه الصينيه والثغره على الجانبين المصري والإسرائيلي