تاريخ اليهودية في الجزيرة العربية

تاريخ اليهودية في الجزيرة العربية
تاريخ اليهودية في الجزيرة العربية

يذهب عدد من الباحثين أن اليهودية في الجزيرة العربية قد انتشرت عن طريق هجرة يهودية من فلسطين إلى الجزيرة العربية، في الفترة الواقعة بين خراب الهيكل عام 70م، وإخراج هدريان لليهود من فلسطين عام 132م.

ويقول البعض إن اليهود هاجروا إلى الجزيرة العربية منذ عهد النبي موسى عليه السلام، أي منذ القرن الثالث عشر ق.م. ويروي أهل الأخبار أن النبي موسى عليه السلام أرسل جيشًا إلى الحجاز لمقاتلة العمالقة، فاستقر ذلك الجيش في يثرب بعد فتكه بالعماليق، ومما ورد ذكره أيضًا أن داود هاجر مع سبط يهوذا إلى خيبر، وتملك هناك ثم عاد إلى إسرائيل.

تحميل قاموس أكسفورد للديانة اليهودية بالانجليزي| The Oxford dictionary of the Jewish religion

وما هذه الأقوال وأمثالها إلا قصصًا كان يروجها اليهود في جزيزرة العرب، لإثبات وشائج القربى بين العرب واليهود، وترغيب العرب في الأخذ باليهودية.

وهكذا فقد حسب أهل الأخبار العمالقة من سكان يثرب القدماء، ومن سكان أعالي الحجاز، فزعموا أن تلك الحروب قد وقعت في هذه المنطقة، وأن اليهود قد سكنوها منذ زمن النبي موسى عليه السلام. وقد أخذ الإخباريون رواياتهم هذه من اليهود، وممن دخل منهم في الإسلام. وهذه الأقوال مستمدة من التوراة والتلمود اللذان يؤكدان أن العرب واليهود ينحدرون من أصل واحد، وأن الاتصال ما بينهما قديم، وذلك لإثبات أن اليهود ذو نسب وحسب في هذين الأرضين قديم، وأنهم كانوا ذوي بأس شديد، وأن تاريخهم في هذه البقعة يمتد إلى أيام الانبياء وابتداء إسرائيل، وأنهم لذلك الصفوة المختارة من العبرانيين.

اليهودية في الجزيرة العربية

عاش اليهود في جزيرة العرب معيشة أهلها، فلبسوا لباسهم وتكلموا لغتهم وتصاهروا معهم، فتزوج اليهود عربيات. والفرق الوحيد الذي كان بين العرب واليهود هو الاختلاف في الدين.

حكم نجاسة الكلاب في الديانة اليهودية

وقد تمتع اليهود بحرية واسعة لم يحصلوا عليها في أي بلد آخر من البلدان التي كانوا بها في ذلك العصر. ومما لا شك فيه أن ذلك ما يؤيد كون اليهود في الجزيرة العربية عربًا متهودين لا يهود مهاجرين، اعتنقوا اليهودية عن طريق التبشير، لأن العصبية العربية تقيم حاجزًا يحول بين زواج اليهود أو أي عنصر غير عربي بالعربيات كما هو معروف.

وفي ذلك يقول الدكتور جواد علي: “ولعل كون اليهود في الجزيزة من أصل عربي، هو الذي ساعد على تحطيم القيود التي تحول بين زواج اليهود بالعربيات والعكس”.

ومما يجدر ملاحظته في هذا الصدد أن اليهودية التي اعتنقها عرب الجزيرة كانت أشبه بحزب قبلي منها بدين له أصوله وأبعاده كدين يهود فلسطين، إذ كان مجرد اعتناق أحد رؤساء القبائل أو البطون أو الأفخاذ يؤدي تلقائيًا إلى تهود اتباع ذلك الرئيس أو الزعيم. فقد كانت هذه القبائل تعقد الأحلاف مع بقية القبائل غير المتهودة على الطريقة المتبعة منذ القدم بين القبائل العربية في الجزيرة محافظة على نفس عاداتها وتقاليدها وأعرافها وثقافاتها وقوميتها العربية، ولم يعرف هؤلاء العرب المتهودون من اليهودية سوى بعض عبارات عبرية يحفظونها عن ظهر قلب ويرددونها دون أن يفهموا معناها عند الصلاة.

ولم يكن لديهم أية صلة تربطهم بيهود فلسطين غير الاتصال التجاري الذي كان يمارسه اليهود في أكثر بلاد العالم، وزيارة بعض أحبار يهود فلسطين ممن كانوا يجيدون اللغة العربية، لأن يهود فلسطين كانوا يتكلمون ما بينهم باللغة الآرامية في ذلك الزمان.

الحلقة الرابعة من مسلسل ساعة الاغلاق| שעת נעילה 4

وذكر العلماء أيضًا أن البعض من الأنصار قبل الإسلام كان مسترضعًا في بني قريظة (من يهود يثرب) وغيرهم من اليهود، فتهودوا، وإن من الأنصار كان يرى في الجاهلية أن اليهودية أفضل الأديان، فهودوا أولادهم، فلما جاء الإسلام ودخلوا فيه أرادوا إكراه أولادهم الذين تهودوا على الدخول فيه، فنزل الوحي بالآية الشريفة: “لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قد خير أصحابكم فإن اختاروكم فهم منكم، وإن اختاروهم فهم منهم”. فقد كان إذن بين يهود جزيرة العرب، عرب دخلوا في دين اليهود.

وتدل كل المدونات التاريخية المتوافرة أن اليهودية في الجزيرة العربية كانت في العصر الجاهلي منتشرة بين القبائل العربية بوجه عام (في الحجاز واليمن ونجد والحيرة وغيرها). ويفهم من روايات الإخباريين أن يهود الحجاز وبخاصة يهود مدينة يثرب كانوا قبائل وعشائر وبطونًا منهم: بنو النضير، وبنو قريظة، وبنو قينقاع، وبنو عكرمة، وبنو محمر، وبنو زعورا، وبنو زيد، وبنو الشظية، وبنو جشم، وبنو بهدل، وبنو عوف، وبنو القصيص (العصيص)، وبنو ثعلبة.

تحميل كتاب العبرية بدون معلم pdf| ربحي كمال

وكان يسكن معهم من غير اليهود بطون من العرب منهم: بنو الحرمان حي من اليمن، وبنو مرثد حي من بلي، وبنو نيف وهم من بلي أيضًا، وبنو معاوية حي من بنو سليم، وبنو الشذية حي من غسان.

وقد ظل اليهود أصحاب يثرب حتى جاء الأوس والخزرج فنزلوها، وورد في الأخبار أنهم جاءوا بعد حادث سيل العرم التماسا لوطن صالح جديد، وأنهم حينما نزلوها لم يكن لهم حول ولا قوة، استغلوا الخلافات بين اليهود فتغلبوا عليهم وسيطروا على المدينة، وقسموها فيما بينهم، فلم يبق يومئذ لليهود عليها سلطان.

ويلاحظ مما تقدم أنه كان بين قبيلة بني الشظية من يهود، كما أن هناك ما يدل على أن بعض قبيلة بني حشنة بن عكارمة وهم من بلي “قتلوا نفرا من بني الربعة، ثم لحقوا بتيماء فأبت يهود أن يدخلوها حصنهم وهم على غير دينهم، فتهودوا، فأدخلوهم المدينة، فكانوا معهم زمانًا، ثم خرج منهم نفر فأظهر الله الإسلام، وبقية من أولادهم بها”.

ويذكر ياقوت أن بلي بلدة بين الشام والمدينة يمر بها حاج الشام، وأنها كانت قديمًا منازل ثمود وعاد، وبها أهلكهم الله، وآثارها إلى الآن باقية، ونزلها بعدهم اليهود واستخرجوا كظايمها واساحوا عيونها وغرسوا نخلها، فلما نزلت بهم القبائل عقدوا بينهم حلفًا وكان لهم فيها على اليهود طعمة وأكل في كل عام، ومنعوها لهم على العرب، ودفعوا عنها قبائل قضاعة.

والظاهر أن المقصود هنا تيماء، حيث يصفها ياقوت بقوله إنها بين الشام ووادي القرى على طريق حاج الشام ودمشق، والأبلق الفرد حصن السموال بن عادياء اليهودي مشرف عليها؛ فلذلك كان يقال لها “تيماء اليهودي”.

المصدر: د. أحمد سوسة، أبحاث في اليهودية والصهيونية، دار الأمل، الأردن، 2003، ص 43- 52.

عن مصرايم

شاهد أيضاً

موسى بن عمران في الخطط المقريزية

موسى بن عمران في الخطط المقريزية

موسى بن عمران في الخطط المقريزية