أهم الفرق الدينية اليهودية القديمة والمعاصرة

أهم الفرق الدينية اليهودية القديمة والمعاصرة

أهم الفرق الدينية اليهودية القديمة والمعاصرة

أهم الفرق الدينية اليهودية القديمة والمعاصرة: انقسم اليهود في مختلف مراحل تاريخهم إلى فرق دينية عديدة، ادَّعت كل منها أنها هي الأمثل، وأنها الأكثر تمسكًا بأصول الدين اليهودي وروحه من غيرها، نستعرض في هذا المقال أهم الفرق الدينية اليهودية التي ظهرت في تاريخ اليهود، وهي:

الفريسيون (الربانيون)

تعني كلمة الفريسيون المنعزلين والمنشقّين، فهم بذلك يناظرون إلى حدٍّ ما فريق المعتزلة عند المسلمين، وقد أطلق عليهم أعداؤهم هذه التسمية؛ ولذلك فهم يكرهونها ويُسمون أنفسهم (الأحبار)  أو (الربانيين)، وكانت هذه الفرقة من ألدِّ أعداء المسيح عليه السلام،  وهم الذين حاولوا إصدار مرسوم ملكي لصلبه، كما كان لهم مُحاوَلات لقَتله واغتياله، حيثُ حاولوا أن يظهروه بمظهر الداعي إلي شق عصا الطاعة علي قيصر، وكانوا علي رأس المتآمرين به، ولم ينفكوا يدبرون له الكيد حتى حُكم عليه بالصلب. .كانت تتضمن أغلب الأناجيل فصولاً طويلة يُوجه فيها المسيح عليه السلام تفريعاً شديداً للفريسين، ويكشف عن كفرهم ونفاقهم والتوائهم وتحريفهم لتوراتهم وابتداعهم تعاليم وأحكاماً فاسدة. غير معلوم متى تكونت فرقة الفريسيين؛ وأشهر ما قيل في ذلك أن هذه الفرقة تكونت في عهد يوناثان صديق داود عليه السلام.

 أهم عقائد فرقة الفريسيون

كانوا يعترفون بجميع أسفار العهد القديم وأحاديث موسى، وأقسام التلمود، ويعتقدون أن الربانيين منهم هم الذين ألَّفوا أسفار التلمود، ويؤمنون بالبعث فيعتقدون أن الصالحين من الأموات سينشرون في هذه الأرض ليشتركوا في ملك السيد المسيح المنتظر، الذين يعتقدون انه سيأتي لينقذ الناس ويدخلهم في ديانة موسي، وأكثرهم يعيشون في مظهر الزهد والتصوف، ولا يتزوجون، ويُحافظون على وجودهم بطريق التبني، ويُؤمنون بعصمة الحاخامات، ويَمنحونهم سلطة عليا، وينظرون إلى أقوالهم كأنها صادرة عن الله، ويرون أن مخافتهم هي مخافة الله – تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا!.

ويطلق علي هذه الفرقة لقب الربانيين؛ لأنهم يؤمنون بما جاء في أسفار التلمود التي ألفها الربانيون، وهم أحبار هذه الفرقة وفقاؤها، لا يُعرف متى تكونت هذه الفرقة ولا من أطلق عليها هذا اللقب.

الصدوقيون

تُنسب هذه الفرقة إلى رجل يُسمَّى (صدوق)، وهو الكاهن الأعظم الذي كان في زمن سليمان عليه السلام، فرقة الصدوقيين هي أهم ثاني فرقة من فرق اليهود قديمًا طوال القرنين السابقين، هذه الفرقة كانت صغيره نسبيًا، ولكنها مؤلفه من المثقفين جلهم أغنياء كان لهم علاقة حميمة مع المسيح عيسى عليه السلام؛ لمُحاولة كسبه لصفهم وجره لعقيدتهم، فلما رفض، لازموه العداوة ولم يكونوا أقل عداوة له من الفريسيين.

أهم عقائد فرقة الصدوقيون

لا يؤمنون بالبعث والآخرة والحساب والجنة والنار؛ حيث يعتقدون أن عقاب العصاة وإثابة المحسنين يحصلان عليه في حياتهم، ويرون أن الدنيا هي دار العمل ودار الجزاء، وأن النفس تموت مع الجسد، وينكرون القضاء والقدر، ويؤمنون بأسفار العهد القديم، إلا أنهم لا يرون القُدسية المُطلقة للتوراة، ويرفضون الأخذ بالشريعة الشفوية المنسوبة إلى موسى عليه السلام، ولا يؤمنون بالتلمود وتعاليمه؛ لأنه أُلِف بعد وجود هذه الفرقة من قِبَل فقهاء الفريسيين.

كما تمتاز فرقة الصدوقيين بحرصها علي إقامة علاقات ودية مع الشعوب الأخري، بينما كانت فرقة الفريسين تنظر إلي غير الإسرائيلي نظرتها إلي عدو، بل كانت تنظر هذه النظرة إلي غير أفراد نحلتها من اليهود أنفسهم.

للمزيد إقرأ أيضًا:

السامريون

سُموا بذلك لأن نحلتهم قد ظهرت في السامرة عاصمة مملكة إسرائيل الشمالية الناتجة عن انقسام مملكة داوود وسليمان، وهي أحد أقاليم فلسطين، تُطلق السامريون على جماعة من غير بني إسرائيل واعتنقت اليهودية وامتزجت بهم، وهم ينظرون إلى أتباعها على أنها أحط منهم قدرًا ومنزلة، وهم قوم يَسكُنون جبال بيت المقدس، وقرايا من أعمال مصر.

 أهم عقائد فرقة السامريون

تؤمن بالأسفار الخمسة ( التي تُمثل القسم الاول من العهد القديم ) وسفري يوشع والقضاة، ولا تؤمن بسواهم خلافا عن الفرقتين السابقتين (الصدوقيين والفريسيين)، قيل أنهم أنكروا كل نبوه أتت بعد موسي ويوشع في بني إسرائيل؛ إذا فهم يكذبون نبوة شمعون وداود وسليمان وأشعياء وغيرهم، وهم يعتقدون أن القدس هي نابلس، وهي من بيت المقدس علي ثمانية عشر ميلاً، وهم لا يعرفون حُرمة لبيت المقدس أو تعظي ما له، قيل أنهم مثل الصدوقيين في أنهم لا يؤمنون بالبعث ولا باليوم الأخر.

نصوص الأسفار عندهم مختلفه عن نصوص التوراه عند باقي اليهود. هي اصغر وأقدم طائفه في العالم وهي طائفة منبوذة وقد إنقسمَت إلى فرقتين؛ الأولى هي: الدوستانية، أما الثانية، فهي: الكوستانية.

فرقة الحسيديين

كلمة الحسيديين تعني المشفقين، وصلت إلينا أخبار هذه الفرقة بفضل ما كتبه عنها فيلون هو فيلسوف يوناني يهودي اشتهر باسم فيلون اليهودي. تختلف هذه الفرقة عن بقية فرق اليهود فيما يتعلق بالعبادات؛ فهي تحرم الأضحية والقرابين رغم أنها كانت تعتبر من أهم العبادات عند باقي الفرق، والتي خصصوا لها قسم كبير من أسفار توراتهم المزعومة وهو سفر اللاويين.

ومن فضائلها في العبادات، انه يكثر في شعائرها مناسبات الغسل والوضوء، ومن فضائلها في الشرائع والنظم الإنسانية، أنها تنكر التفرقة العنصرية، وتقرر مبدأ المساواة بين الناس في القيمة الإنسانية المشتركة، وتحرص علي السلام بين الشعوب، فمن مبادئها الحث علي السِلم وإلغاء الحرب وتجنب الإيذاء بأشكاله، ومراعاة الصدق والأمانة والوفاء بالعهد حتى مع غير الإسرائيلين، وتحريم طرق الكسب غير المشروع، وابتزاز الناس واستغلالهم سواء يهود أو غيرهم، وهذا علي عكس الكثير من الفرق اليهودية التي كانت تقوم علي التفرقة العنصرية، وتبيح لأفرادها في علاقاتهم ومعاملاتهم مع غير اليهود مالا تبيحه في معاملتهم مع بعضهم البعض.

ومن أهم ما يميزها فيما يتعلق بمبادئ الحرية، أنها تُحرم نظام الرق، وتحذر من أن يملك الإنسان أخاه وان يَحرمه حريته وذلك أيضا علي عكس الكثير من الفرق اليهودية التي كانت تقوم نظمها علي الرق، والذين خصصوا للرق وأحكامه حيز كبير في أسفارهم.

ومن أهم ما يميزها فيما يتعلق بنظام الملكية، أنها تُحرم الملكية الفردية وتوجب أن تكون الملكيات ملكية جماعية وطبقت هذه المبادئ علي الأفراد الذين انعزلوا عن المجتمع الإسرائيلي، جعلوا جميع أملاكهم من ارض وأمتعه واشربه وملابس وحتى المنازل اعتبروها ملكية عامة يشرف علي هذه الأملاك وشئون إدارتها وتوزيعها حراس منتخبون متفرغون تفرغ تام لأعمال وظيفتهم هذه.

ومن ثم جعلوا بيوتهم وقراهم مفتحة الأبواب لكل رفيق من جماعتهم سواء كان من أهل القرية أم من خارجها.

مذهب هذه الفرقة الاقتصادي يُعد من أقدم المذاهب الشيوعية في العالم، وأتباعها يُعدون من أقدم المجتمعات الإنسانية التي أخذت بهذا المذهب وطبقته في حياتها بالفعل. وهذا يختلف اختلاف تام مع الفرق اليهودية الأخرى، التي تجيز الملكية الفردية الخاصة مُخصِصة لأحكام الملكية الفردية طرق انتقالها وحقوقها وواجباتها حيز كبير في أسفارهم.

ومن أهم ما يميزها في الشئون المهنية، أنها تُحرم الاشتغال بالتجارة لما تبعثه في النفوس من جشع وابتزاز، كما تُحرم صناعة الأسلحة وسائر الآلات الحرب لأن مبدئهم هو السلم بين الشعوب وصناعة الأسلحة تختلف مع مبدئهم، وتُحرم التعامل بالذهب والفضة لما يبعثانه في النفس من زهو وجشع وشح، واقتصرت أعمالهم علي الزراعة ويتصل بها من صناعات وهذا كان خلاف ا عن باقي الفرق التي كانت من أهم مظاهر نشاطها الاقتصادي شئون التجارة وصناعة السلاح والتعامل بالذهب والفضة وكانت تنظر لهذين المعدنيين نظرة تقرب من التقديس.

ومن أهم ما يميزها فيما يتعلق بالحياة الفردية، أنها تحارب الترف والنعيم والحياة الناعمة وتدعوا للزهد والتقشف والبعد عن جميع متع الجسد وتنظر إليها علي أنها شرور وليس متع ،وتُحرم شرب الخمر وأكل اللحم، وكان يقتصر غذائهم علي الأغذية النباتية.

والظاهر أن هذه الفرقة تختلف عن باقي فرق اليهود وتخالف معظم ما تذهب إليه تعاليم العهد القديم والتلمود علي رغم أن يعتبرها المؤرخون أنها من فرق اليهود والحقيقة انه لا يربطها باليهود سوي رابطة الجنس لان أفرادها من بني إسرائيل. لم تدم فرقة الحسيديين كثيرا لم تعش سوي قرنين أو ثلاثة قرون .

ذهب بعض المؤرخين أن سيدنا يحيي وزكريا عليهما السلام كانوا ينتميان إلي هذه الفرقة، ولكن لم يقدموا أي دليل يعتد به ويؤكد انتمائهم لهذه الفرقة.

فرقة القرائين أو العنانيين

من أحدث الفرق اليهودية، سُموا بالقرائين نسبة إلي مقرا بمعني الكتاب أو المكتوب وهي الكلمة التي كان يطلقها اليهود علي أسفار العهد القديم، فالقرائين هم المتمسكون بكتاب العهد القديم، أما كلمة العنانيين نسبة إلي مُنشِئها عنان بن داود، كان القراؤون يمثلون القلة بين اليهود، فلما تدهور شأن الفريسيين، نما فريق القرائين وورث أتباع الفريسيين ونفوذهم.

أهم عقائد فرقة القرائين

لا يعترفون إلا بالعهد القديم كتابًا مقدسًا، وليست لديهم روايات شفوية كالتي قيل إن الحاخامات توارثوها الواحد بعد الآخر، وبالتالي لا يعترفون بالتلمود، وينكرون سلطة الحاخامات، وهم يصدقون عيسى في مواعظه، ويعدونه من بني إسرائيل، تلغي فرقة القرائين جميع التشريعات التي قررها الربانيون مستندين في تقاريرها إلي أسفار التلمود، وأدخل علي كثير من تشريعاتهم التي استمدوها من فهمهم لنصوص العهد القديم تعديلات استمدها الحاخام عنان من اجتهاده ومن فهمه لنصوص العهد القديم.

استنبط أحكام من نصوص العهد القديم بآراء كثيرة ذكرها في كتابه الذي ألفه في تفسير التوراة، غير انه تجاوز نطاق استنباطه من العهد القديم، فقرر أحكام تخالف نصوص صريحة لأسفار العهد القديم، ومن أهم التشريعات التي اعتمد فيها علي اجتهاده الخاص في فهم النصوص وخالف فيها الأحكام المقررة عند الربانيين، أنه حرم زواج العم من ابنة أخيه وزواج الخال من ابنة أخته، سوي بين الابن والبنت في الميراث وقرر بعدم أحقية الزوج في ميراث زوجته.

وقد مهد لظهور فرقة القرائين بعض حركات إصلاحية دينية حدثت قبيل ظهورها، ولم تنجح هذه الحركات في دعواتها، ومن هذه الإصلاحات ما نادى به كل من سيرينوس وعبوديا بن عيسى. أما سيرنوس فهو يهودي سوري جعل شعارة “اتركوا تعاليم التلمود”، وتبعه في ذلك أناس كثيرون، فعظم شأنه، وامتلأ زهوا، ومن ثم أعلن أنه المسيح المنتظر وحدث بسبب ذلك فتنة كبيره بين الطائفتين اليهودية والإسلامية، فقُبض عليه وقدِم إلي الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك، و حسم ا للفتنة رأي الخليفة أ ن يُسلمه إلي اليهود ليتولوا محاكمته وانتهي بذلك الامر.

أما عويديا بن عيسي فهو يهودي من أصفهان جعل شعاره “عدم الاعتراف بالتلمود”، عدل كثير من الأحكام اليهودية المأخوذة من التوراة نفسها؛ فألغي الطلاق، وجعل فرائض الصلاة أربعة بدل من ثلاثة في اليوم، قام بتحريم أكل اللحوم وشرب الخمر. قد أشار ابن حزم إلي هذه النحلة، وذكر أن أصحابها يقرون بنبوة عيسي ومحمد عليهما السلام.

حاول عبوديا وأنصاره استخدام القوة في فرض آرائهم علي طوائف اليهود، فأخفقوا في محاولاتهم، ومنوا بعده هزائم منكرة وانتهي بذلك أمره احد. نجح مؤسس هذه الرابطة فيما فشلت فيه هذه الطوائف ، ولكنه فتح باب الاجتهاد في فهم النصوص المقدسة، وسمح لكل قادر علي الاجتهاد في فهم النصوص المقدسة أن يُنشئ له مذهبا فرعيا خاصا في نطاق الأصول العامة التي قام عليها مذهبه ومن ثم حدث الانقسام في فرقة القرائين بسبب ذلك وتشعب منها طوائف عدة كانت الأشهر من بينهم طائفة بنيامين بن موسي وطائفة الأكبرية .

أما بنيامين بن موسي، فهو فارسي من نهاوند كانت تعاليمه في مجملها مستمده من تعاليم عنان مع بعض آراء المعتزلة وفلاسفة الإسلام خاصة الفارابي وابن سينا،، ومن أهم ما ذهب إليه في شئون العقيدة.

كما أنكر ما يوهمه ظاهر العهد القديم إذ يصور الذات العليا في صورة مجسمة تشبه صور الحوادث، وإذ يقرر أن الله تجلي لموسي في سيناء وكلمة، لما ينطوي عليه ذلك من حلول الله في المكان وإخراجه للصوت وأنكر أن يكون الله قد تولي علي الخلق في صورة مباشرة ذهب إلي أن الله خلق الملائكة والملائكة خلقت العالم المادي وهنا ظهر تأثره بمذهب الفارابي في” نظرية العقول ” التي انبثقت عن الله تعالي كما ينبثق الضوء من الشمس، وتولت لإشراف غلي خلق الكائنات السماوية والأرضية وعلي مختلف شئونها،، انضم لبنيامين بن موسي عدد كبير من القرائين فعظمت مكانته، وبلغ في نفوس أتباعه منزلة تقرب من منزلة عنان بن داود مؤسس فرقة القرائين .

عن هيام سليمان

شاهد أيضاً

موسى بن عمران في الخطط المقريزية

موسى بن عمران في الخطط المقريزية

موسى بن عمران في الخطط المقريزية