تاريخ طبريا|تاريخ المدن الفلسطينية 1

مدينة طبريا

طبريا هي واحدة من أقدم مدن فلسطين التاريخية، تقع اليوم في لواء الشمال الإسرائيلي، وتحديدًا في منطقة الجليل الشرقي، على الشاطئ الجنوبي الغربي من البحيرة التي تحمل اسمها – بحيرة طبريا.

تبعد عن مدينة  القدس حوالي 198 كم إلى الشمال الشرقي. يسكنها اليوم حوالي 46 ألف نسمة – معظمهم من اليهود، بعد تهجير أهلها العرب بعد حرب 1948. وهي أحدى المدن المقدسة الأربع عند اليهود، كما تعد مدينة استجمام واستشفاء.

أقيمت المدينة على أنقاض ريكيت القديمة، التي كانت ملكًا لقبيلة نفتالي من القرن التاسع عشر ميلاديًا، بناها هيرودوس انتيفاس، وأطلق عليها اسم طبريوس قيصر روما. في عام 636 م- 13 هـ فتحها المسلمون بقيادة شرحبيل بن حسنة، وأقاموا فيها عاصمتهم الشمالية، وأصبحت عاصمة لجند الأردن.

طبريا أثناء الحروب الصليبية

بعد ذلك أصبحت مركزًا يهوديًا كبيرًا، واستحدث حكماء اليهود في هذه المدينة التنقيط الطبرياني. أثناء الحملات الصليبية قام تنكرد باحتلال المدينة بأمر من جودفري، وبعد أن نزح سكانها المسلمون منها، قام بتحصينها حتى تكون مركزاً لإماراته، وفي عام 583هـ-1187م، تمكن صلاح الدين الأيوبي من استعادة المدينة بعد انتصاره على الصليبيين في موقعة حطين.

للمزيد إقرأ أيضًا:

 إلا أن الصليبيين تمكنوا من السيطرة على المدينة مرة أخرى بعد أن سلمها لهم الملك الصالح إسماعيل والي دمشق، مقابل وقوفهم معه ضد ملك مصر الصالح أيوب والناصر داوود في الأردن عام 1240م.

وفي عام 1247م تمكن المسلمون من استرداد المدينة، إلا أنها فقدت الكثير من عمرانها وأهميتها بفعل التدمير الهائل الذي لحق بها من جراء الغزوات الصليبية والمغولية، وهذا جعل المدينة تشرف على الاندثار لتحل محلها بيسان وحطين.

طبريا تحت الحكم العثماني والحكم المصري

في عام 1517م، تمكن العثمانيون من السيطرة على المدينة، ثم حكمت من قبل ظاهر العمر والي صيدا عام 1730، وقد أصبحت طبريا في العهد العثماني مركزاً لقضاء طبريا، أحد الأقضية الأربعة التي يتكون منها قضاء عكا.

مبنى السرايا العثماني وسط مدينة طبريا

اندثرت أهمية المدينة بعد ذلك، وفي عام 1799 استولى عليها نابليون بونابرت أثناء حملته على مصر والشام، ثم خضعت للحكم المصري بعد ذلك، وازدهرت فأصلحت حماماتها وبدأت تستقبل الزائرين من خارج البلاد للاستشفاء بمياهها المعدنية، ثم حل بالمدينة دمار هائل بسبب الزلزال الذي أصاب المدينة في مطلع عام 1837، وكانت طبريا تعرضت لسلسلة من الزلازل في أعوام 1204-1212-1402-1546-1656-1666-1759-1837-1890.

وبعد أن ظلت مدمرة أجيالاً طويلة شرع في إقامتها من جديد، وفي عام 1560 سلمها الأتراك للسيد يوسف نسي، الذي أعاد بناءها وأحاطها بسور وخطط لجعلها مركزًا يهوديًا مستقلاً. بيد أن خطته أحبطت على أيدي العرب الوطنيين والأتراك.

وفي عام 1777م، بدأ يستوطنها اليهود الذين هاجروا من أوروبا، وقد تعرضت هذه المدينة لمشاكل وأضرار كثيرة. ففي عام 1837م أصابتها هزة أرضية وأوبئة وثورة درذية واعتداءات من البدو وغيرهم. وعندما بدأ الاستيطان اليهودي المتجدد في الجليل الأسفل شهدت المدينة مرحلة توسع وتطور. وفي بداية العهد البريطاني عام 1919م كان اليهود يشكلون أغلبية في المدينة.

وفي عام 1934 اكتسح المدينة فيضان دمر جزءًا من الحي القديم، وبعد النكبة في عام 1948 أصبحت طبريا أول مدينة مختلطة ينتصر فيها اليهود، ويقيمون فيها أول نظام يهودي محلي.

المعالم الإسلامية في مدينة طبريا

تعج المدينة بالعديد من الآثار العريقة، مثل المساجد والكنائس والمعابد، بالإضافة إلى الآثار المعمارية مثل السرايا والقباب والعيون وغير ذلك، ومن أبرز هذه المعالم:

1. الجامع الكبير: بناه ظاهر العمر الزيداني في القرن الثامن عشر الميلادي، ويعرف بالجامع الزيداني. أوالجامع الفوقاني، ويقع في الحي الشمالي من المدينة.

أحد مساجد مدينة طبريا

2. جامع الجسر: ويقع في الحارة الغربية على ساحل البحيرة.

3. جامع البحر: يقع على ضفة بحيرة طبريا، وهناك أسوار المدينة القديمة وغيرها من الآثار الرومانية.

4. الحمامات الدافئة: وهي من أبرز معالم المدينة، والتي يفد إليها الكثير من الزوار للاستشفاء بمياهها المعدنية.

الآثار اليهودية في مدينة طبريا

تضم المدينة قبور حكماء اليهود في العصور الوسطى، ومنهم الحاخام موسى بن ميمون، الفيلسوف والحاخام والطبيب اليهودي المشهور. وقد زار ميمون فلسطين عام 1165، بيد أنه بسبب اشتداد ضراوة الحروب اضطر لمغادرة المدينة والعودة إلى مصر، وهناك توفى عام 1206، ولكنه قبل موته أمر بنقل رفاته إلى فلسطين.

المعبد اليهودي القديم في طبريا

وبهذا الصدد، يروى أن لصوصًا وقطاعي طرق تعرضوا للقافلة التي كانت تنقل رفات موسى بن ميمون من مصر إلى فلسطين، ولكن بصورة عجيبة لم يستطع هؤلاء تحريك النعش من مكانه، فتركوا رجال القافلة يواصلون مسيرهم إلى المدينة.

حمامات طبريا

تقع إلى الجنوب من المدينة، وعلى مسافة 2 كم منها حمامات المدينة الصحية، وتقول إحدى الروايات أن هذه الحمامات تدفقت أيام “طوفان نوح”، وتقول رواية أخرى أن هذه الحمامات تتدفق على بوابة جهنم، ومنها تستمد حرارتها القوية التي تزيد عن 50 درجة مئوية.

بيد أن رواية عربية تقول أن العفاريت هي التي تبعث الحرارة في هذه الحمامات؛ ففي عهد الملك سليمان جاء إلى الملك مرضى، وطلبوا منهم شفاء لأمراضهم، فأمر الملك الجن بتسخين الينابيع قرب المدينة. وبما أنه خشى أن يتوقف الجن بعد موته عند تسخين الينابيع، سلب السمع منهم لكيلا يسمعوا بخبر وفاته.

عن عزيزة زين العابدين

مترجمة لغة عبرية، وباحثة في الشئون الإسرائيلية في تخصص تحليل الخطاب السياسي الإسرائيلي.

شاهد أيضاً

التحليل العسكري لـ معركة المزرعه الصينيه والثغره على الجانبين المصري والإسرائيلي

التحليل العسكري لـ معركة المزرعه الصينيه والثغره على الجانبين المصري والإسرائيلي

التحليل العسكري لـ معركة المزرعه الصينيه والثغره على الجانبين المصري والإسرائيلي