تحريف العهد القديم | موقع مصرايم

تحريف العهد القديم | موقع مصرايم
تحريف العهد القديم | موقع مصرايم

تحريف العهد القديم

اتضح لنا فما يتعلق بـ تحريف العهد القديم من الدراسات السابقة أن الفساد سرعان ما تطرق إلى بني إسرائيل بعد موسى، واتضح لنا كذلك أن أسفار العهد القديم كُتبت متأخرة، أي في عهد الفساد والاضطراب، وأن كتابها ليسوا هم الذين اسندت لهم هذه الأسفار، وأن الوحي ليس مصدرًا لهذه الأسفار، والنتيجة الواضحة لكل هذه المقدمات أن اليهود كتبوا التوراة انعكاسًا لأخلاقهم ولآمالهم، وبنوا هدفًا يحققون به مقاصدهم، ومن هنا ازدحمت الأخطاء في العهد القديم وتوالت، وقد عُني كثير من الباحثين بإبراز أخطاء العهد القديم، وإيضاح ما به من خلط وتضارب.

والنظرة السريعة للعهد القديم توحي أن الهدف الأسمى الذي أراده بنو إسرائيل من الكتاب المقدس كان تبرئة بني إسرائيل من العيوب، وتلويث سواهم من الشعوب، فأحد ابني آدم كان ضالاً وكان الآخر مهتديًا، ومن المهتدي ينحدر بنو إسرائيل، وابناء نوح الذين نجوا من الغرق كانوا ثلاثة، ولكن بني إسرائيل يقضون على حام بن نوح بالغضب ويسخطون عليه لا لشيء إلا أنه أبو الجنس الذي انحدر إلى مصر وما يليها من الجنوب، وكراهية بنو إسرائيل لمصر قديمة وعريقة.

ويصب سفر التكوين السخط على كنعان ابن حام بن نوح، لأن الكنعانيين حاربوا العبريين، فلما دون هؤلاء العهد القديم، خصوا الكنعانيين بسخط الله، كا، اله يسخط على من سخطوا عليه، ويرضى على من رضوا عليه.

وهكذا كُتبت أسفار العهد القديم– باسم الله- والله منها بريء، إنها في الحقيقة صدى لانفعالات اليهود وأحاسيسهم.

للمزيد إقرأ أيضًا: مصادر العهد القديم| المصادر الحقيقية لأسفار العهد القديم

وبهذا السبب وبسبب كثرة الكتاب الذين اشتركزا في تدوين العهد القديم، كثرت الأخطاء فيه، ويمكننا أن نعطي منها بعض نماذج:

لم يكن للعدد مدلول دقيق في أسفار العهد القديم، فقد ورد في سفر الخروج أن إقامة بني إسرائيل في مصر كانت 430 سنة، وهي في الحقيقة 215 سنة، وقد اعترف مفسرو العهد القديم بوقوع الخطأ في هذا الرقم، وعدد الرجال الذين بلغوا سن العشرين قبيل خروج موسى من مصر كما ورد في سفر اللاويين لا يمكن عقلاً أن يكون صحيحًا، فقد كان عدد بني إسرائيل عند دخولهم مصر سبعين، ومحال أن يخرجوا منها وهم ملايين في مدى قرنين، وهكذا.

للمزيد إقرأ أيضًا: عقيدة الأرض عند اليهود وفي القانون الإسرائيلي “الأرض المستردة”| إسرائيل شاحاك 3

ورد في أسفار التوراة ما يقرر أن الابناء يؤخذون بذنب الآباء حتى الجيل الثالث والرابع، وهاك نص العبارة: “مفتقد اثم الآباء في الأبناء وفي أبناء الأبناء حتى الجيل الثالث والرابع”، وفي سفر حزقيال ما يعارض هذا الاتجاه، فقد جاء به: “النفس التي تخطيء هي تموت، الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون، وشر الشرير عليه يكون”.

كما تختلف الأحكام اختلافًا واضحًا وصريحًا من سفر إلى آخر، ويبدو ذلك بمقارنة الإصحاح الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من سفر العدد، بالإصحاح الخامس والأربعين والسادس والأربعين من سفر حزقيال.

وفي سفر أخبار الأيام الثاني وردت الفقرة التالية: “…. لأن الرب ذلل يهوذا بسبب آحاز كان ملكًا ليهوذا لا لإسرائيل”، ومثل هذا الخطأ وقع في الإصحاح الأخير من هذا السفر، فقد ورد به أن نوخذ نصر عزل يهوياكين لا أخاه، ولذلك صحح مترجمو العهد القديم هاتين الكلمتين لتتفق الفكرتان مع الحق والتاريخ.

للمزيد إقرأ أيضًا: سدوم قرية قوم لوط | علماء يدعون اكتشاف طريقة تدميرها

كما تنص الفقرات السابقة على أن نوخذ نصر أسر يهوياكين إلى بابل، ولكن الحقيقة التاريخية أنه قتله في أورشليم، وأمر أن تلقى جثته خارج السور ومنع من دفنها، كما ذكر ذلك المؤرخ اليهودي يوسيفوس.

كذلك وقع في الفقرة الثامنة والعشرين من الزبور الخامس بعد المائة في النسخة العبرانية العبارة التالية: “ولم يعصوا كلامه”، وفي النسخة اليونانية جاءت هذه العبارة هكذا: “وقد عصوا كلامه”، وأحدهما خطأ يقينًا، وقد اعترف بذلك مفسرو العهد القديم من الغربيين.

للمزيد إقرأ أيضًا: تحميل كتاب عائلة روتشيلد pdf| آل روتشيلد لـ مجدي كامل

هذه نماذج قليلة عن تحريف العهد القديم وما به من خطأ واضطراب لم نقصد بها الحصر وإنما قصدنا مجرد التمثيل.

تحريف العهد القديم كما جاء في القرآن الكريم

كما تحدث القرآن الكريم عن تحريف العهد القديم في آيات كريمة كثيرة منها قوله تعالى: “يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون” (سورة آل عمران: 71)، ويقول الحق سبحانه وتعالى: “من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه” (سورة النساء: 46)، “وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون” (سورة البقرة: 75).

وقد وقع هذا التحريف إما بالزيادة وإما بالنقص، بالنسبة للتحريف بالنقص يقول الحق سبحانه وتعالى: “قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً” (سورة الأنعام:91)، “إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاً أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم” (سورة البقرة: 174)، كما يقول تعالى: “يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب” (سورة المائدة: 15).

للمزيد إقرأ أيضًا: تاريخ اليهودية في الجزيرة العربية

وعن تحريف العهد القديم بالزيادة والكذب على الله يقول تعالى: “فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون” (سورة البقرة: 79) وقال تعالى أيضًا: “وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون” (سورة آل عمران: 78).

المصدر: أحمد شلبي، مقارنة الأديان (اليهودية)، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1966، ص 238- 240.

عن مصرايم

شاهد أيضاً

موسى بن عمران في الخطط المقريزية

موسى بن عمران في الخطط المقريزية

موسى بن عمران في الخطط المقريزية