"ثروة" ما تمت!

"ثروة" ما تمت!
“ثروة” ما تمت!

“ثروة” ما تمت!

ثروة ما تمت! لكى تخطو الأقدام لابد لها من أرض, ولن تخطو دولة على طريق العظمة إلا بتتبع أثار العظماء, قد نبالغ فى مدح انفسنا والتغنى بعظمة دولة لا نقدرها حق قدرها, ولكنا فى حاجة ماسة إلى تتبع أثار خطانا على أرضٍ زرعناها بأسباب ثروتنا لعلنا ننفض تراب الفقر عن ثروة لن تندثر.

فى كتابه ثروة الأمم (1776 م) تتبع أدم سميث أسباب ثروة مصر, لتحذو حذوها الأقدام الغربية نحو النهضة والرقى, فلنتابع سويا أسباب ثروة مصر بقلم رائد الاقتصاد أدم سميث.

“على ساحل البحر الابيض المتوسط, تُرى مصر الأولى سواء على المستوى الزراعي أو الصناعى وهما المستويان اللذان تم انشائهما بعناية, وتحسينهما لدرجة جديرة بالاعتبار. يمتد صعيد مصر لمساحات شاسعة أعلى أميال قليلة من النيل, وفى دلتا مصر يقسم النهر العظيم نفسه إلى قنوات مختلفة، والتى وبقليل من الفن منحت القدرة على الاتصال بين ربوع الأمة المصرية عن طريق النقل المائى، ليس فقط بين المدن الكبيرة، بل أيضا بين أصغر القرى المصرية أو حتى إلى أصغر بيت ريفى فى الدولة. وعلى نحو وثيق وبنفس الطريقة تقريبا فعل نهر الراين وماس فى هولندا. الامتداد وسهولة النقل الداخلى كان من المحتمل أحد الأسباب الرئيسية للتقدم المبكر لمصر…. والملاحظ أن قدماء المصريين أو الهنود أو الصينيين لم يشجعوا التجارة الخارجية, ولكنهم استمدوا ثروتهم الهائلة عن طريق النقل المائى الداخلى.”

(وهذا ما فطن اليه “الأمى” محمد على حين شرع فى بناء مصر الحديثة فشق الترع وعظم الاستفادة من الموارد المائية, واستغل الإمكانيات الزراعية التى هى أصل الحضارة.)

“ويتضح أثر الاتقان الحصرى للحرفة أو القوانين الداعية لذلك – فى التحكم فى سعر العمالة من جهة, وبقاء الحرفة وتطورها من جهة أخرى عن طريق منع خروج أحد من مهنة معينة ودخوله مهنة أخرى- وبذلك يتمكن العمال من رفع أجورهم أعلى من معدلاتها الطبيعية عندما تكون الصناعة مزدهرة، و فى حالة تدهور الصناعة أحيانا يجبر العمال على خفض أجورهم. وعلى الرغم من تأثير هذه العادات أو التشريعات فى خفض أو زيادة الأجور، إلا أنه ليس تأثيرا مطلقا، حيث قد يبقى مفعولها لقرون ولكنها لن تبقى بنفس القوة بعد رحيل محترفي المهنة إبان ازدهارها، فبعد موتهم سيتناسب عدد تابعيهم مع الطلب الفعال بالمجتمع. فيجب أن تسيطر الحكومة كما فعل الهنود والمصريين القدماء بتوريث كل فرد مهنة أبيه كعقيدة دينية يأثم من يخالفها ويعاقب”.

للمزيد إقرأ أيضًا:

هذا الرأى لأدم سميث ليس ملزمًا أو متفق عليه على المطلق, ولكن يستنتج منه الحرص على تطوير الحرف (الصناعات, المهارات,…)، وتوفيرها بالأعداد الكافية للطلب الفعال عليها فى المجتمع ومنع اندثارها.

“يمكن توظيف رأس المال بأربع طرق مختلفة: سواء, أولاً: بانتاج المستلزمات الأساسية اللازمة للاستهلاك السنوى للمجتمع, ثانياً: تصنيع هذا الانتاج وتجهيزه للاستهلاك, ثالثاً: نقل الانتاج الخام او المصنع إلى اماكن استهلاكه, أخيراً: تجزئة الانتاج التام لجعله مناسبا لحاجات المستهلكين…..ويخشى على الازدهار البشرى استمرارية تمكين أى دولة أجنبية تمتلك رأس المال لتوظيفه سواء انتاجيًا أو صناعيًا او تجاريًا: باستتثناء افتراض الثقة فى أسباب الثروة العجيبة التى قامت عليها الحضارات الزراعية فى الصين, ومصر, والهند. فعلى الرغم من كون هذه الدول الثلاث هى الاغنى بكل المقاييس الموجودة فى العالم لم يكونوا متفوقين فى التجارة الخارجية, فلدى المصريين القدماء كراهية خرافية من البحر, هذا الخوف من المجهول أيضا تغلغل بين الهنود, كما لم تبرع الصين أبدا فى التجارة الخارجية. فكان الجزء الأعظم من فائض الانتاج فى هذه الدول الثلاث يتم تصديره إلى الخارج مقابل غالبا الذهب والفضة. لذا فإن رأس المال فى هذه الدول كان حافزاً لكمية من العمل المُنتج بغض النظر عن مقدار اضافته للانتاج السنوى للأرض او العمل فى تلك الدول وفقا للنسب المختلفة منهما التى يتم توظيفها فى الزراعة, الصناعة, او تجارة الجملة.”

لتحميل كتاب “ثروة الأمم” لـ آدم سميث

يرجى الضغط على هذا الرابط

لتحميل كتاب Wealth of Nations

يرجى الضغط على هذا الرابط

ترجمة وتعليق:

د/ على زين العابدين

المدرس بمعهد التخطيط القومي
٩ فبراير ٢٠١٣

شاهد أيضاً

تحقق مفهوم “دولة اسرائيل الكبرى” في العصر الحديث

تحقق مفهوم "إسرائيل الكبرى" في العصر الحديث