قصة سيدنا يوسف عليه السلام في العهد القديم

قصة سيدنا يوسف عليه السلام في العهد القديم

قصة سيدنا يوسف عليه السلام في العهد القديم: هل ذكرت قصة يوسف في “العهد القديم”  كما ذكرت في “القرآن الكريم”، هناك سورة سميت باسمه عليه السلام تقص قصته كاملة ؟ وإلى أي درجة تختلف القصتان، القرآنية وقصة العهد القديم ؟ وكيف يرى اليهود يوسف؟ ما هي قصته في الشريعة اليهودية ؟ 

قصة سيدنا يوسف عليه السلام في العهد القديم

“يوسف” اسم عبري معناه “يزيد” اسمته امه “راحيل” بهذا الاسم راجية من الرب الزيادة في الولد، وهو الحادي عشر من أبناء يعقوب الاثني عشر. وقد كان ليوسف عند أبيه مكانة خاصة في قلبه فأحبه أكثر من سائر بنيه، فأثار هذا الحب الكراهية عند باقي الأخوة، وذات مرة حلم يوسف “بأنه وكل واحد من أخوته يحزمون حزمًا في الحقل وإذا بحزمته قامت وانتصبت فأحتاطت حزم اخوته وسجدوا لحزمته”، قام يوسف إلى أخوته يقص حلمه عليهم فجعل بغضهم له يزداد في قلوبهم، ثم حلم يوسف حلمًا آخر فقد حلم: “إن الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا يسجدون له”، وعندما أخبر به أباه يعقوب واخوته غضبوا جميعا ونهره ابوه وقال له: ” ما هذا الحلم هل نأتي أنا وامك وإخوتك ونسجد لك؟ “.

إقرأ أيضًا: أرض جاسان: الجيتو اليهودي الأول في مصر في زمن يوسف عليه السلام

ولما بلغ السابعة عشرة من عمره أرسله أبوه ليتفقد اخوته حيث يرعون الاغنام فلما رأوه قادمًا إليهم قرروا تنفيذ ما فكروا به وهو قتله ليتخلصوا منه ويكون حب أبيهم لهم فقط، ولكن احد الاخوة وهو “رأوبين” لم ترق له الفكرة، وأخبرهم أن الأفضل هو إلقاءه في بئر فارغ من المياه وبذلك يكونوا قد تخلصوا منه دون ان تلطخ دماءه ايديهم، فوافقوا جميعا على تلك الفكرة، وألقوه في البئر ولما توقفت قافلة اسماعيليه “عربيه” عند البئر باحثين عن الماء وجدوا يوسف وأخرجوه، وباعه اخوته لهم بثمن بخس فقط دراهم معدوده، وعاد اخوته حاملين ثيابه ملطخه بالدماء مدعين أن الذئب قد أكله وهم في غفلة عنه.

وصل يوسف إلى مصر مع القافلة حيث كانت وجهتهم وهناك اشتراه خادم الملك، واستحسن الملك يوسف وأفعاله، وبارك الرب بيت المصري بسبب يوسف حيث تحل البركة حيثما يحل يوسف وكبر يوسف في قصر الملك. وكان يوسف حسن الصورة والمنظر حتى انه لاقى استحسانا في عيني زوجة خادم الملك، وفي يوم أرسلت في طلبه إلى جناحها ولما ذهب إليها استجابة لامر سيدته، اغلقت الابواب فلما علم بم تنوي فعله اراد الفرار منها فلحقت به حتى أنها مزقت جزءا من ثيابه، فلما رأت أنه لم يتوقف وان أمرها قد ينكشف، نادت علي أهل بيتها تستغيث بهم تريد إلصاق ما كانت تنوي فعله به، فيكون هو الجاني لا هي.

إقرأ أيضًا: استير المرأه التي يدين لها كل يهودي بحياته؟!

وعندما جاء خادم الملك فأخبرته عن سوء ما أراد أن يفعل بها خادمه الذي أحضره إلى القصر، فأمر الملك بوضع يوسف في السجن جزاءًا على ما فعل، ودخل يوسف السجن وكان معه ساقي الملك وخادمه قد سجنا قبل يوسف، ولقي يوسف استحسانا من رئيس السجن ومن غيره من السجناء لما استشعره من أدب يوسف وحسن معاملته لهم، وذات ليلة رأى ساقي الملك وخادمه كل منهما رؤية لم يفهم أيا منهما ما تفسير رؤيته فقص ساقي الملك حلمه على يوسف عله يفسره فقال: “إني أرى ثلاث اشجار من الكرم يزهروا أمامي وإذا بي امسكهم واعصرهم في كأس الملك”، فأخبره يوسف أنه بعد ثلاث أيام سيعود إلي عمله ساقيا للملك.

فلما سمع خادم الملك تفسير يوسف قص عليه رؤياه ايضا، فقال إنه رأى أنه يحمل على رأسه إناء به ثلاثة أرغفة من الخبز تأكل الطير منه”، ففسره له يوسف أنه بعد ثلاث أيام سيأمر الملك أن يعلق وتأكل الطير من رأسه، وبعد ثلاثة أيام تحقق ما أخبرهم به يوسف. وبعد سنتين حلم الملك “بأنه يقف على شاطئ نهر يخرج منه سبعة أبقار سمان اللحم وحسنة الصوره ثم يخرج بعدهم سبعة أبقار هزيله فتأكل هذه الأبقار تلك الأبقار السمينه”.

وحلم حلمًا آخر وهو “خروج سبعة سنابل في ساق واحد ممتلئه وحسنه ثم يخرج سبع سنابل يابسة فتأكل السبع سنابل الممتلئة”، استيقظ الملك غاضبا من رؤية تلك الاحلام فطلب كبار المعبرين والمفسرين ليخبروه عن تفسير احلامه، ولكن عجز جميع كبار المعبرين عن تفسير تلك الاحلام، فأخبر الساقي بأن هناك رجل عبراني كان قد فسر له ولصاحبه رؤياهما، وأنهما قد تحققا كما أخبرهما به.

فأمر الملك بخروج يوسف من السجن، وخرج يوسف من السجن واجتمع بالملك وقص عليه رؤياه وكان تفسير يوسف ” ان السبع بقرات إشارة إلى عدد السنين وانه سيحل علي البلاد سبع سنين من الرخاء ورغد العيش ثم يعقبهم سبع سنين من الجفاء والقحط، وكذلك حلم السنابل  بأنه سيأتي سبع سنوات يكثر فيها حصاد أرض مصر ويعم الخير كل البلاد ثم يأتي سبع سنين من القحط وقلة الخراج، فعليهم ادخار ما زاد عن حاجتهم في سني الرخاء ليكون عونا لهم في سني القحط”.

إقرأ أيضًا: ما هو أصل العادة اليهودية بعدم شرب الماء من الساعة 9:30 للساعة 10:30 في بداية “فترة تشري”

وبعد ما سمع الحاكم  تفسير يوسف لحلمه وأنه قد قدم كل الحلول لها جعله أمينا على أرض مصر وخزائنها، وجعل من “أسينات” زوجة له، وحلت سني الرخاء وأثمرت الأرض بوفرة كبيرة وخزن يوسف قمحا كثيرا، و ولد ليوسف في سني الرخاء ابنان سمي البكر “منسي”، لأن الرب انساه كل ما عاناه، وسمي الثاني “افرايم” لان الرب جعله سببا لنفع الأرض التي كانت سبب ذلته.

وبدأت سني القحط وحدث ما أخبر به يوسف من هلاك شعب مصر، وانتشر الجوع بين شعبها وشعوب البلدان المجاورة، ولجأ الجميع الي يوسف يسأله القمح، وفتح يوسف الخزائن لبيع ما تم جمعه في سني الرخاء فأقبل الجميع الي يوسف وجاءت كل شعوب مصر والشعوب التي حولها يسألون القمح، فلما علم يعقوب بأن عزيز مصر يملك خزائن القمح، قال لبنيه لما لا تذهبوا الي مصر، ‌انزلوا الي مصر واشتروا لنا القمح كي لا نموت.

فنزل عشرة من اخوة يوسف ليشتروا القمح، أما بنيامين شقيق يوسف فلم يرسله يعقوب معهم كي لا يصيبه أذى، فلما وصل الاخوه الي أرض مصر وكانوا بين مشتري القمح، ولأن يوسف هو البائع لكل الشعوب فيعلم بكل من هو قادم من خارج مصر لشراء القمح.

فلما علم بحضور عشرة أخوة علم فورا انهم اخوته فاستقبلهم، لكنه كان منكرا لهم وخاطبهم بجفاء يسألهم من أين جاءوا؟ فعلم انهم أتوا من أرض كنعان وانها أصابها القحط كسائر البلدان، وعلم منهم إنهم اثني عشر اخا بقي اصغرهم مع أبيه والآخر مفقود، فقال لم لا تأتون به إلى هنا بل انكم جواسيس على الأرض، و أنكم لا تخرجون من مصر حتى تأتوني باخيكم، وحبسهم ثلاثة، أيام ثم قال لهم في اليوم الثالث سأبقى بأحدكم هنا واذهبوا بقمحكم الي دياركم وأتوني بأخيكم لأتحقق من صدق قولكم وحبس اخوهم “شمعون”.

ثم أمر يوسف بأن يعطوا القمح وان ترد أموالهم إليهم وأن يزودوا بزاد الطريق أيضا، فلما وصلوا إلى أبيهم وأخبروه بكل ما أصابهم حزن لحبس أخوهم وقال: “اعدمتموني الاولاد، افقدتموني يوسف، وشمعون مفقود، وبنيامين تأخذونه “.

فقال “رأوبين” لأبيه محاولا اقناعه لترك بنيامين معهم بأن يقتل ابنه إن لم يرجع له ببنيامين، فرفض يعقوب وقال: “لا اعطيكم اياه لان اخاه قد مات وليس لي غيره فإن أصابه ضرر هلكت بعده”.

ولما اشتد الجوع بهم وأبناءهم قال لهم أبوهم انزلوا الى مصر وأتوا بالقمح قالوا لن يعطينا عزيزها حتى نأتي له بأخينا، فثار عليهم غاضبا من اخبارهم لعزيز مصر عن أخيهم فقال له “يهوذا”: يا أبي أرسل معنا بنيامين حتى لا نموت جوعا”، فوافق يعقوب وأمرهم بأخذ هدية لعزيز مصر كما أمرهم بأن يردوا الفضة التي ردت لهم.

ولما وصل الاخوه الي يوسف مرة أخري ورأي معهم أخاهم الأصغر “أخاه من أمه” أخرج لهم “شمعون” الذي كان قد حبسه، فسجدوا له وقدموا له هديتهم وأعادوا إليه فضتهم التي ردت اليهم، وقالوا نحن عبيدك جئنا اليك سائلين القمح، فاستضافهم في قصره، ثم أمر يوسف خادمه أن يملأ لهم طعاما حسب ما يطيقون حمله وأن يوضع في كل رحل من رحالهم فضة صاحبه وزاد في رحل اخيهم الاصغر إناء من الفضة.

فلما شدوا رحالهم وخرجوا عائدين لبيوتهم أرسل ورائهم يوسف بجنود يسألوهم عما سرقوه من القصر، وأنهم قابلوا احسان عزيزهم بالشر، وسألهم كيف تحكمون على من سرق عندكم قالوا نتخذه عبدا، قال كذلك أفعل بمن نجد ما فقدناه في رحاله، فبدأ بتفتيش اوعيتهم ورحالهم وبدأوا من الاخ الاكبر الي ان وجدوه في رحال “بنيامين”، فرجعوا جميعا الي القصر وخروا ليوسف ساجدين سائلين عفوه عن اخوهم أو أن يأخذ أحدهم مكانه فأبي يوسف إلا أن يأخذ من وجد في رحاله.

فأخبروه عن حالة أبيه وأنهم لن يتمكنوا من الدخول على ابيهم من غير “بنيامين” لأنه شيخا كبيرا سيهلك بفراق ولده بعد فراق أخيه، فكشف لهم يوسف عن نفسه فقال أنا يوسف أخوكم الذي فرطتم به وبعثه إلى المصريين، فأنا الآن سيدا عليهم وجعلني الرب سببا لنجاتكم من الموت جوعا بعد ما فرطتم بي، اذهبوا الي أبيكم وأتوني به وأبناؤكم ونساؤكم ومواشيكم وكل ما تملكون واسكنكم خير الأرض.

فارتحل يعقوب وكل ما كان له حتى أتى الليل، وهم قد وصلوا إلى بئر سبع فناموا وحلم يعقوب بأن الرب يبارك له ذهابه إلى مصر وأنه سيجعله امة عظيمة هناك، فقام يعقوب واكمل سيره الي مصر، وخرج يوسف يستقبل أبيه وبعد أن رأى يعقوب ابنه بعد كل تلك السنين قال له: “أموت الآن بعد ما رأيتك حي بعد”.

قصة سيدنا يوسف عليه السلام في القرآن

تظهر قصة سيدنا يوسف عليه السلام في سورة يوسف، وهي السورة الثالثة من حيث نزولها بعد سورة الإسراء، وهي سورة مكيّة نزلت بعد، أمّا المرتبة التي تحتلّها من حيث ترتيب النزول، فهي الثالثة والخمسون، وعدد آياتها هو مائة وإحدى عشرة آية، وقد نزلت في وقتٍ كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يعاني فيه من الحزن والألم بسبب موت عمَه أبي طالب وزوجته خديجة رضي الله عنها، وتعد قصة سيدنا يوسف عليه السلام المذكورة في هذه السورة كغيرها من السور التي تحتوي على القصص القرآني الذي يعدّ طريقة بيان للأسلوب الدعويّ الذي اتّبعه الأنبياء عليهم السلام، كما تعدّ قصة سيدنا يوسف عليه السلام مصدراً إلهيّاً لمعرفة أنبيائه عليهم السلام وقصصهم. قصة سيدنا يوسف.

عن مريم جمال الصيرفي

شاهد أيضاً

موسى بن عمران في الخطط المقريزية

موسى بن عمران في الخطط المقريزية

موسى بن عمران في الخطط المقريزية

3 تعليقات

  1. موفقه يا باشمترجمة 😍

  2. موفقه يا باشمترجمة 😍مريم

  3. مقال رائع وشرح شيق.. شكرا للكاتبة الصحفية مريم جمال الصيرفي.. بالتوفيق 👏🏻

%d مدونون معجبون بهذه: